طوّرت الأستاذ المشارك في كاوست، البروفيسوربيينج هونج، طريقة جديدة مبتكرة لمعالجة مياه الصرف الصحي “المياه العادمة” بطاقة أقل، وإعادة استخدامها بطريقة آمنة في الزراعة، وتخضع التقنية حاليّاً لمرحلة الاختبار بالشراكة مع مدن (الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية) في جدة.
من أهم أهداف التنمية المستدامة الأساسية هو تأمين المياه النظيفة، والصرف الصحي الجيّد لضمان صحة البيئات الحضرية حول العالم. وكما أن المياه ضرورية للتروية، وللنظافة الشخصية الصحيّة فهي مهمة لإنتاج الغذاء أيضًا، حيث تمثل الزراعة القائمة على الري في الوقت الحالي 40٪ من إجمالي إنتاج الأغذية في العالم. ومع وارتفاع تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، والإجهاد المائي الناجم عن النمو السكاني، سنحتاج إلى بنية مياه تحتية أكثر استدامة، وإعادة تدوير للمياه بكفاءة أكبر. فلا غرابة في أن الرؤية السعودية 2030 تشمل ضمان الأمن المائي، وإعادة استخدام المياه بشكل أكبر.
حاليّاً في المملكة العربية السعودية تعد أغلب مياه الصرف الصحي المُعالجة مياهاً نظيفة من خلال عملية “هوائية”، وفي المقابل تعتمد طريقة البروفيسور هونج الجديدة، على عملية “لاهوائية”، عن طريق استخدام تقنية المفاعل الحيوي للغشاء اللاهوائي (AnMBR) حيث تستخدم الكائنات المجهرية الدقيقة غير المستهلكة للأكسجين، لتحويل الكربون العضوي إلى ميثان، ويتم تنقية المياه وتطهيرها، عبر استخدام الأشعة فوق البنفسجية، وبيروكسيد الهيدروجين. والنتيجة النهائية هي الحصول على مياه نظيفة صالحة لنمو المحاصيل الزراعية، مما يساهم في تحصيل كلاً من الأمن المائي والغذائي، ورفاهية المجتمعات الحضرية باستخدام هذه المياه لزيادة المسطحات الخضراء في المدن.
وشاركت هونج مع مدن، في وقتٍ سابق هذا العام لتحويل نموذج أوّلي من التقنية الجديدة لبرنامج تجريبي لمعالجة مياه الصرف الصحي بالطريقة اللاهوائية، ومن المتوقع أن يعالج المصنع من 23 إلى 50 ألف لتر من مياه الصرف الصحي يومياً، كما يمكن أيضًا استخدام الكتلة الحيوية التي ينتجها النظام كسماد زراعي. حيث يحتوي النظام الجديد على بصمة موقع أصغر من مصانع التجهيز الحالية، وهي لامركزية وتقلل من تكاليف الطاقة المستهلكة في عمليات النقل والتوزيع. أضف إلى ذلك، فإن النظام يمكنه توزيع التقنية؛ كنظام لامركزي مبتكر يعالج مياه الصرف الصحي، وقابل للتطبيق تجارياً.
تقول البروفيسور هونج: “نأمل من خلال هذا النظام أن نثبت أن معالجة مياه الصرف الصحي لتوليد مياه مستصلحه عالية الجودة، وبتكلفة أقل للطاقة أمرٌ ممكن، وقد لا نحتاج للطاقة بتاتًا، بل يمكننا أيضًا توليد كلاً من المياه النظيفة والطاقة في آن واحد.”
يركز البحث الذي تجريه البروفيسورة هونج، وفريقها في مختبر السلامة البيولوجية والتقنية الحيوية، على صحة المياه العالمية وإدارتها. خاصةً في البلدان التي تعاني من ندرة المياه مثل المملكة العربية السعودية، وفي ظل الظروف الحالية حيث لا تزال الأهداف المناخية بعيدة المنال، وارتفاع ظاهرة الاحتباس الحراري في تزايد مما يفاقم من أخطار الأمن المائي.
من خلال استحداث تقنيات مبتكرة جديدة لمعالجة المياه وإعادة استخدامها بطريقة آمنة ومستدامة واقتصادية، تسعى هونج إلى الاستفادة من هذا الاكتشاف ووضعه في قلب التطور الحضاري المستدام.