فتح جناح “السعودية الزرقاء” في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات أبوابه للعالم أواخر يونيو الماضي. استعرضت المملكة، البلد الوحيد الذي أُفرد له جناح خاص في المؤتمر، دورها الرائد في منح الأولوية لصحة البحر الأحمر، وأبحاثها التي تتناول مواطنه وأنظمته البيئية الفريدة. وأكد الدكتور توني تشان، رئيس كاوست التي كانت الشريك الأكاديمي الوحيد للجناح، على تطلع الجامعة إلى المساهمة في تحقيق الاستراتيجية الزرقاء للمملكة.
تتمتّع كاوست بسجل حافل من التميز في دراسة البيئة البحرية وحمايتها. ويُعدّ مركز أبحاث البحر الأحمر في كاوست من أبرز المؤسسات البحثية التي تعمل على تحقيق استدامة المحيطات، مما رسخ موقع الجامعة باعتبارها شريكاً رئيسياً في العلوم والابتكار في جناح “السعودية الزرقاء”.
أعلنت المملكة سابقاً عن التزامات رئيسية في إطار طموحاتها الأوسع لدفع عجلة الاستدامة المحلية، ومنها زيادة نسبة المناطق البحرية المحمية إلى 30% وزراعة 100 مليون شجرة منغروف بحلول 2030. وتنسجم هذه الأهداف جيداً مع أهداف التنمية المستدامة العالمية، وخاصة الهدف 14: الحياة تحت الماء ومع رؤية 2030، التي تمثل خطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التحولية الفريدة في البلاد.
تغطي المحيطات والبحار 70% من سطح الأرض، وتمثل نظاماً يدعم الحياة على كوكبنا، إذ تسهم في تنظيم مناخنا، كما تولد 50% على الأقل من الأكسجين في الأرض وتوفر مصدراً مهماً للغذاء وفرص العمل وتضم تنوعاً حيوياً مذهلاً، إذ تؤمن موطناً لنحو 80% من جميع الأنواع الحيوانية.
العلوم تتصدر الموجة
يضم البحر الأحمر، الذي يُعدّ أدفأ بحار العالم وأشدها ملوحة، أرصفة ضحلة معروفة بحياتها البحرية ومرجانها. ويؤمن موطناً لأكثر من ألف نوع من اللافقاريات ومئتي نوع من المرجان اللين والصلب. ومع ذلك، ما زلنا نجهل الكثير عن هذه البيئة المذهلة.
تمثل العلوم إحدى الركائز الأساسية لجناح “السعودية الزرقاء”. وتجري كاوست أبحاثاً عن المواطن الفريدة في البحر الأحمر للوقوف على تحملها لارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ بهدف المساعدة في توسيع مواطن المرجان وازدهار التنوع الحيوي. وعقدت، في ضوء الأهمية المتنامية للسياحة في المملكة، شراكات مع أطراف معنية محورية كشركة البحر الأحمر للتطوير من خلال أبحاث تركز بعمق على التخطيط المكاني وتطوير التقنية لضمان أن المشروع السياحي لا يلحق الضرر بالأنظمة البيئية المحلية بل يساعد في تعزيزها.
استضاف جناح “السعودية الزرقاء” في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات 2022 فعالية لتيسير نقاش حول دور العلوم والابتكار في تمكين التنمية التجديدية للبحر الأحمر، وكيف تدفع الشراكات الهادفة والتعاون والحوكمة الجيدة عجلة العمل الإيجابي في البيئة البحرية.
قال كارلوس دوارتي، الأستاذ الجامعي المميز، الذي شارك، إلى جانب البروفيسورة سوزانا أغوستي والأستاذ المشارك راكيل بيكسوتو، في حلقة نقاش من تنظيم كاوست: “أتاح جناح السعودية الزرقاء، وهو أكبر جناح وطني في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات 2022، الفرصة لإبراز التزام المملكة العربية السعودية بتحقيق هدف التنمية المستدامة 14، الحياة تحت الماء، الذي يركز عليه المؤتمر، ودورها كرائدة ناشئة في الحفاظ على المحيطات بدعم من علوم عالمية المستوى”. وشهدت الفعالية أيضاً حضور الدكتور تيوفيلو أبريانو، رئيس الموظفين في الجامعة، الذي أدار حلقة النقاش، والدكتورة آنا مارغاريدا كوستا، رئيسة الاستدامة التي اضطلعت بدور مدير المراسم في الفعالية.
تجديد المحيطات
تهدف المملكة العربية السعودية من خلال زيادة المناطق المحمية المخصصة والمناطق البحرية المحمية، إلى إزالة الآثار المزمنة على البحر الأحمر وإنجاز الالتزامات المناخية الطموحة. وأثبتت دراسة رائدة، تهدف إلى رسم خرائط هذه المناطق المحتملة، شارك فيها فريق من الباحثين بقيادة البروفيسور دوارتي واستعانت بـمحاكاة التخطيط المكاني البحري أن التنمية الساحلية في المواقع المتوقعة للتطوير في البحر الأحمر تعزز من خلال التصميم والتخطيط المتأنيين الأنظمة البيئية عوضاً عن تعريضها للخطر.
أصدرت الشركة، التي يضم فريق العلوم البيئية فيها عدداً من حملة الدكتوراه الذين تخرجوا من كاوست، مؤخراً تقريرها الأول عن حالة الحياة الفطرية والأنظمة البيئية لتدعيم أهدافها الطموحة على صعيد الحفاظ على الأنظمة البيئية وتعزيزها. ويهدف التقرير، الذي يُعدّ أكبر مسح بيئي على الإطلاق تجريه شركة تطوير، إلى إجراء تحليل شامل لتجمعات ومواطن الأنواع التي تستوطن منطقة المشروع على امتداد أكثر من مئتي كيلومتر من الخط الساحلي للبحر الأحمر.
بدوره، علق الدكتور محمد قربان، رئيس الوفد السعودي إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات والرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، قائلاً: “في نهاية المطاف، تأمل المملكة بتصدير الدروس العلمية المستفادة والحلول المبتكرة التي تهيئ العالم للتصدي لأكبر التحديات التي تواجهنا حالياً. وسننجز ذلك كله عن طريق الاضطلاع بدور صلة الوصل وجمع البلدان المشاطئة للبحر الأحمر وضمان وضع منهجية شاملة لحمايته وإنجازها بنجاح”.
عُقد مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات 2022 في لشبونة ما بين 27 يونيو و1 يوليو. تعرف أكثر على جناح “السعودية الزرقاء” والفعالية هنا.